أشرف 2008 عضو جديد
عدد الرسائل : 29 صورة شخصية : تاريخ التسجيل : 28/12/2008
| موضوع: في حكم جلوس الإمام بعد الانصراف من التسليم للشيخ فركوس خفظه الله الإثنين 02 مارس 2009, 20:21 | |
|
السـؤال:
ما هي السُّنَّة في جلوس الإمام للذِّكر بعد التسليم من الصلاة؟
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فالسُّنَّة للإمام بعد الفراغ من التسليم أن ينصرف عن يمينه تارة وعن شماله تارة أخرى، وهو مُخَيَّرٌ بين الأمرين عملاً بالجمع بالتخيير بين حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال: «لَقَدْ رَأَيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ»(١- أخرجه البخاري كتاب «الصلاة»، باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال: (814)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه)، وبين حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «أَكْثَرُ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَنْصَرِفُ عَنْ يَمِينِهِ»(٢- أخرجه مسلم كتاب «صلاة المسافرين وقصرها»: (1/320)، رقم (708)، والنسائي كتاب «الصلاة»، باب الانصراف من الصلاة: (1359)، وأحمد: (12435)، من حديث أنس رضي الله عنه)، والجمع أَوْلى من الترجيح، وله أن يستقبل الناس بوجهه، ويمكثَ في المسجد يسيرًا قبل انصرافه عن مجلسه، وقد ذكر ابنُ رجب -رحمه الله-: «أنه كان يمكث بعد إقباله على الناس بوجهه لا يمكث مستقبلاً القبلة»(٣- فتح الباري لابن رجب: كتاب الصلاة: (6/116))، ويدلّ على إقباله على الناس حديثُ سَمُرَةَ بنِ جُنْدُب رضي الله عنه قال: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ»(٤- أخرجه البخاري كتاب «الصلاة»، باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم: (809)، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه)، وحديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: «كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عَنْ يَمِينِهِ يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ أَوْ تَجْمَعُ عِبَادَكَ»(٥- أخرجه مسلم كتاب «صلاة المسافرين وقصرها»: (1/321)، رقم: (709)، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه)، ويدلُّ على أنه كان يجلس صَلَّى الله عليه وآله وسلم قبل انصرافه يسيرًا ما أخرجه مسلمٌ من حديث البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال: «رَمَقْتُ الصَّلاَةَ مَعَ مُحَمَّدٍ صَلّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ، فَرَكْعَتَهُ، فَاعْتِدَالَهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ، فَسَجْدَتَهُ، فَجَلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَسَجْدَتَهُ، فَجَلْسَتَهُ مَا بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالانْصِرَافِ، قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ»(٦- أخرجه مسلم كتاب «الصلاة»: (1/217)، رقم: (471)، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه)، قال النووي: «دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يجلس بعد التسليم شيئًا يسيرًا في مصلاه»(٧- شرح مسلم للنووي: (4/188)).
قلت: ولعلَّهُ مقدار ما يستغفر ثلاثًا ثمَّ يقول: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَمُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ، رَبّْ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ» أو نحو ذلك.
ويُستثنى في ذلك الجلوس بعد الفجر فيستحبُّ للإمام أن يمكث جالسًا بعد استقباله للناس إلى أن تطلع الشمس، ويدلُّ عليه ما رواه مسلم عن جابر بن سمرة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم: «كَانَ لاَ يَقُومُ مِنْ مُصَلاَّهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ»(٨- أخرجه مسلم كتاب «المساجد ومواضع الصلاة»: (1/301)، رقم: (670)، وأبو داود كتاب «الصلاة»، باب صلاة الضحى: (1294)، وأحمد: (20333)، من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه)، قال النووي: «فيه استحبابُ الذِّكر بعد الصبح وملازمة مجلسها ما لم يكن عذر»(٩- شرح مسلم للنووي: (15/79)).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 21 صفر 1430ﻫ الموافق ﻟ: 16 فيفري 2009م
| |
|