أبو أنس المدير العام
عدد الرسائل : 136 الموقع : saber2@gawab.com***www.saaid.net صورة شخصية : الدولة : 0 الدولة : 0 1 : اللهم إني أسألك سكنى المدينة المنورة تاريخ التسجيل : 30/04/2008
| موضوع: صبرا يا أهل غزة ـ الشيخ أبوعبد الباري الإثنين 25 أغسطس 2008, 00:47 | |
| صبرا يا أهل غزّة فإنّ مع العسر يسرا [مع نصيحة إلى قادة حماس]. الحمد لله ربّ العالمين، مالك يوم الدين، ولا عدوان إلا على الظالمين اليهود، وأعوانهم من الصليبيين، ونعوذ بالله من دعاة الحزبية والطائفية الزائغين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام المتقين. أما بعد: اعلموا يا إخواننا من الشعب الفلسطيني في مقاطعة غزة المحاصرة أن الدِّين الإسلامي الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم كامل غير منقوص، وسالم من التبديل والتغيير والتحريف والنكوس، فهو ظاهر ما بقي الليل والنهار، مصداقا لقول النبي المختار صلى الله عليه وسلم من حديث المقداد بن الأسود، وغيره من الصّحب الكرام عليهم من الله الرضوان: (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبرٍ إلا أدخله الله هذا الدين، بعزّ عزيز، أو بذل ذليل، عزّا يعزّ الله به الإسلام، وذلا يذل به الكفر). وقبل هذا قوله تعالى: [هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ]، فاشكروا الله على نعمة الإسلام والسنّة، واسألوه العصمة من كل وكسة ونكسة ومحنة، وإياكم واليأس والخور، وكونوا في قمة الصبر والأمل كما كان نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام [يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ]، واعتزوا بعقيدتكم الصافية والطاهرة التي بنيت على القرب من أهل الحق والصدق، والبعد عن أهل الطرق المبتدعة والفسق، عقيدة لا عوج فيها، قيمة لتتمسكوا بها، وتدعوا النّاس إليها بالعلم والحلم والمال والنفس، وتردوا عنها شطحات أهل الزيغ والأهواء، وتلبيس دعاة الباطل وناقلي الوباء، من الروافض الأنجاس، أحفاد الخميني الهالك، والمنزوين وراء مترسة قمّ وكربلاء. يا أهل غزة وأبناءَ جباليا الكرام إنّنا نشارككم الألم، ونشعر بكل صيحة أمٍ فقدت صغيرها أو فردا من أهلها، وندعو الله لكم في النهار والسّحر بأن يبعد عنكم بطش الكافرين من اليهود وأعوانهم الصليبيين، وأن يصبِّرَكم في مصيبتكم التي هي مصيبتنا، وأن يجنبكم شماتة الأعداء، ونبشركم بأمر؛ إن كنتم تألمون يا أهل جباليا من اعتداءات الصهاينة، وسكوت العالم بما حوى من قريب أو بعيد، فاعلموا أنهم يألمون أشدّ مما تألمون، والفاصل بينكم وبينهم أنكم ترجون من الله ما لا يرجون، فاثبتوا على الحقّ القديم، وإياكم والتبديل، واحذروا أن تولّوا الأدبار وتنقضوا الميثاق مع الله، واثبتوا على منهج السلف، ولتكن هذه الآية صلب أعينكم [مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا]. اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل الدائرة على الصهاينة المعتدين، وأن تفشل خططهم في المنطقة، وأن تحفظ المستضعفين في فلسطين من كيد الأعداء إنك ربي قوي متين، وعليم حكيم. وأتوجّه فيما بقي من الحديث إلى قادة حماس في المنطقة، هداهم الله إلى منهج السّلف، وطهر قلوبهم من أدران وهواجس الخلف وأقول لهم: إن خلافكم مع أهاليكم في رام الله، وتقلص أيدي المساعدة التي كانت تأتيكم من الدول العربية، وتلقيكم لحزمة من النقد من كبار أهل العلم في العالم الإسلامي؛ لا يسوِّغ لكم السفول أكثر في مستنقع الهوان والاستكانة، والجنوح إلى عباءة الروافض الخبيثين، والخوارج السفهاء الرعون، وأنتم تحملون لواء الممانعة والصمود، وتتنادون بدولة إسلامية سنية طاهرة؟، فإنّ الله لا يبارك في مقاومة ينصرها الأخبثان، وتموّل بخيصاء طهران. ولما التملّق إلى حزب حسن في لبنان بإقامة خيام العزاء لرجل من رجالهم، له ترجمة تروق بلا معنى، واسم يهول بلا جسم، مأبون بالشرّ، يحمل مشروع المؤاحنة لأهل الخير، طاشت يده كما طاش عقله فأصاب البريء والخوّان. عزاء يا زعماء حماس هداكم الله قطعتم به أواصل الإخاء مع عباد الرحمن، وأحييت به بدعة قبيحة خسيسة الشأن، حتى ولو كان الهالك فيها من أهل الإتقان والإحسان، كيف ومن رفعتم له الألوية ووصفتموه بالمنازل العالية لا يستحق أبياتا قيلت في قينة. يا قادة حماس في غزة: لما لا يكون هذا الهجوم السافر عليكم من الصهاينة وحلفائهم في المنطقة سببه معاصيكم، وانزوائكم إلى أتون الرفض بإقامة العزاء على طريقة أصحاب الحسينيات الهالكين، فتوبوا إلى الله، وفروا إليه، واحتموا بكنفه ذلك خير لكم من صبّ جمّ غضبكم على العالم العربي الذي هو أشد ضعفا منكم، غارق في وحل الخلاف، لو يستطيع فقط أن يعقد قمة عربية ناجحة في دمشق يكون حقق لكم نصرا عظيما، قال تعالى: [وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا]، وقال تعالى: [وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا]. يا قادة حماس بصّركم الله بالحق، ودفع عنكم كيد الأعادي ودعاة العوق، إنّ العدوّ المشترك لا يبيح لكم تعطيل النّصوص، وتكذيب التاريخ، وإنكار المعقول والمحسوس، والركون إلى أحفاد المجوس، وإنني أعظكم ثلاثا أن تكونوا الثقب الذي يتسرب منه أهل الرفض إلى ساحة بيت المقدس، فقد صحّ عن عبد الله بن عمرو فيما أخرج ابن خزيمة في كتاب التوحيد أنّه قال: (لا يدخل حظيرة القدس سكير، ولا عاق، ولا منان)، فكيف بعُبَّاد الأوثان وزوار المشاهد، واحذروا أن تعجبوا برأيكم فتقعوا في حمأة الجهالة، فإن الحقَ لا يُعرف بالخطب الجوفاء الرنانة التي تردد في الشوارع، ولا بالأماني الخاوية التي ترجى، ولا بالفتاوى المبتورة والملفقة الضالة، ولا بالتهور المقيت في صورة الشجاعة، ولا بالاعتماد على العقل في الفتن، ولا بكثرة الاجتهاد والأعمال، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في التسعينيّة (3/926ط: دار المعارف) رادا على أبي المعالي الجويني وضربه من علماء الكلام، وإني أخال الجوني أذكى منكم يا قادة حماس بمراتب ومنازل: (ولكن اتباع أهل الكلام المحدث، والرأي الضعيف، وما تهوى الأنفس، ينقص صاحبه إلى حيث جعله الله مستحقا لذلك، وإن كان له من الاجتهاد في تلك الطريقة ما ليس لغيره، فليس الفضل بكثرة الاجتهاد، ولكن بالهدى والسداد، كما جاء في الأثر: "ما زاد مبتدع اجتهادا إلا ازداد من الله بعدا")اهـ. وأكرر التحذير مرة أخرى من تمكين الروافض من مربط جبريل، فإن الشرّ الذي يتضوع منه الفلسطينيون من جرّاء الاحتلال لا يساوي شيئا في مقابل الذعاف الذي سيصيبهم من زحف الروافض على معتقداتهم وثوابتهم التي بها صمدوا في وجه دولة صهيون عهودا تجعل الولدان شيبا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة (1/6-11) بعد ما بين أصنافا من الفرق الخارجة عن حقيقة متابعة الرسل، والتي قد يخفى أمرها على كثير من أهل الجهالات: (والرافضة والجهمية هم الباب لهؤلاء الملحدين، منهم يدخلون إلى سائر أصناف الإلحاد في أسماء الله وآيات كتابه المبين...[ثم قال رحمه الله]: فملاحدة الإسماعلية والنصيرية وغيرهم من الباطنية المنافقين من بابهم دخلوا، وأعداء المسلمين من المشركين وأهل الكتاب بطريقهم وصلوا، واستولوا بهم على بلاد الإسلام، وسبوا الحريم وأخذوا الأموال، وسفكوا الدماء، وجرى على الأمة بمعاونتهم من فساد الدين والدنيا ما لا يعلمه إلا ربّ العالمين). وقال ابن قيم الجوزية رحمه الله بعد ما تكلم عن المعطلة والنفاة وأنهم شرّ على الإسلام والمسلمين في كتابه العظيم الصواعق المرسلة (4/1254): (إنّ هؤلاء لم يكفِهم أن سدوا على أنفسهم باب الرد على أعداء الإسلام بما وافقوهم فيه من النفي والتعطيل، حتى فتحوا لهم الباب وطرقوا لهم الطريق إلى محاربة القرآن والسنة، فلما دخلوا من بابهم، وسلكوا من طريقهم تحيزوا معهم، وصاروا جميعا حربا للوحي، وادعوا أن العقل يخالفه، ولا يمكن الرد على أهل الباطل إلا مع اتباع السنة من كل وجه، وإلا فإذا وافقها الرجل من وجه وخالفها من وجه طمع فيه خصومُه من الوجه الذي خالفها فيه، واحتجوا عليه بما وافقهم فيه من تلك المقدمات المخالفة للسنة، ومَن تدبر عامة ما يحتج به أهل الباطل على مَن هو أقرب إلى الحق منهم وجد حجتهم إنما تقوى على من ترك شيئا من الحق الذي أرسل الله به رسوله، و أنزل به كتابه، فيكون ما تركه من الحق أعظم حجة للمبطل عليهم. ويجد كثيرا من أهل الكلام يوافقون خصومهم على الباطل تارة، ويخالفونهم في الحق تارة، فيتسلطون عليهم بما وافقوهم فيه من الباطل، وبما خالفوهم من الحق، وليس لمبطل بحمد الله حجة، ولا سبيل بوجـه مــن الوجوه على من وافق السنة ولم يخرج عنها، حتى إذا خرج عنها قدر أنملة تسلط عليه المبطل بحسب القدر الذي خرج به عن السنة، فالسنة حصن الله الحصين الذي من دخله كان من الآمنين، وصراطه المستقيم الذي من سلكه كان إليه من الواصلين، وبرهانه المبين الذي من استضاء به كان من المهتدين، فمن وافق مبطلاً على شيء من باطله جرّه بما وافقه منه إلى نفي باطله. وقد ضرب بعض أهل العلم لذلك مثلا مطابقا فقال: مثل الحق مثل طريق مستقيم واسع وعلى جانبيه قطاع ولصوص وعندهم خواطئ قد ألبسوهنّ الحُلي والحُلل وزينوهن للناظرين، فيمر الرجل بالطريق فيتعرضن له، فإنْ التفت إليهن طمعن في حديثه، فألقين إليه الكلام فإن راجعهن وأجابهن دَعَيْنَهُ إلى الذبح، فإذا دخل عرين الموت صار في قبضتهن أسيرا أو قتيلا، فكيف يحارب قوماً من هو أسير في قبضتهم قتيل سلاحهم؟ بل يصير هذا عوناً من أعوانهم، قاطعاً من قطاع الطريق، ولا يعرف حقيقة هذا المثل إلا من عرف الطريق المستقيم وقطاع الطريق ومكرهم وحيلهم وبالله التوفيق وهو المستعان). فإن قلتم يا قادة حماس: نحن المغمورون في قمع زجاجة في غزّة، والمقموعون بمطرقة العوز، والمسحوقون بقنابل الاحتلال؛ فعطية قمّ وكربلاء أرحم عندنا من العهون المعلقة على الصبيان من العين والعوز والغزّ في دارفور، في عهد رأينا فيه النّاس عن سبيل نصرة المستضعفين ناكبين، ومن اسم المقاومة متطيّرين، ولأهلها كارهين، وأموال الدول وقفا على الشهوات والنفوس، والمروءة التي هي زكاة الشرف تباع بيع الخَلَقِ، فماذا عسى قادة غزة أن يفعلوا إلا أن يتكففوا على موائد الروافض، والضرورة تقدر بقدرها. يكون جوابنا بعبارات موجزة جدا على طريق أهل الحديث في الجزائر وأسأل الله أن تقفوا عليها: إن فتور بعض همم الشرفاء عن نصرتكم، وزهدَ اللسان الصادق في الذبّ عنكم، سببه ما قدّمت أيديكم، وأنتم الذين استبدلتم الذي هو أدنى بالذي هو خير، ورضيتم بصياح الرّعاع والغثار والغثر، وتجرعتم سمّ قُمّ الذي أمات فيكم النظر، وأضحى وبالا عليكم، وقيدا لألسنتكم، وعيّا عليكم في المحافل، وعقلةً لفكركم عند التناظر، فصرتم لا تفرقون ما بين الوكع والكوع، ولا الحنف من الفدع، واللّمى من اللّطع. يا قادة حماس في إقليم غزة المكلوم: إنّ مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا، ولن يغلب عسر يسرين، ولو جاء العسر فدخل الحجر الأصم، لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه، فلا حاجة لكم أن تركنوا إلى الظالمين من الروافض فتمسكم النار، فإنّ غثكم خير من سمين الروافض، واصبروا كما صبر أسلافكم ولا تستعجلوا نصرا منجسا بدينارهم، وعودوا إلى الله في جلواتكم وخلواتكم، وضعوا أيديكم في يد إخوانكم من أهل السنة، [وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ]، وإن ضاقت بكم السبل ففي الأرض للحر الكريم منادح. والحر حر وإن حلّ به الضر. يا قادة حماس في غزة: إنَّ عودتَكم إلى الحكمة والتعقُّل نصرٌ للمستضعفين الذين أوصلوكم إلى سدة الحكم، فاحرصوا على حقن دمائهم، وخذوا بوصايا إخوانكم من أهل السنة، فإن للحرب معادلات وأسسا، وهي سجال ودول، وعتاد وعدّة، وحنكة وخدعة، وتأييد ونصرة، فالحرب كما لا يخفى عليكم تضبطها المصالح والمفاسد، فهل ما تصنعونه في منظور أهل العلم والمختصين في السياسات عاد عليكم بالنفع، فأنا لا أدعوكم إلى ترك المقامة، وإنما ادعوكم إلى توظيفها في الوجهة الصحية واستثمارها في الزمان المناسب، قال تعالى: [وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ]. قال العلاّمة القرطبي في تفسير هذه الآية: (فيه خمس مسائل: الثانية: قال العلماء: حكمها باق في هذه الأمة على كل حال، فمتى كان الكافر في منعة وخيف أن يسب الإسلام، أو النبي عليه السلام، أو الله عز وجل، فلا يحل لمسلم أن يسب صلبانهم ولا دينهم ولا كنائسهم، ولا يتعرض إلى ما يؤدي إلى ذلك، لأنه بمنزلة البعث على المعصية). واحرصوا من نفخ الروافض الأوغال في مشروعكم، فإنّهم يدفعونكم إلى التهلكة ليوطنوا لأنفسهم في جنوب لبنان، ويثبتوا أعمد الكفر والبدعة في أوساط الأنام، فإنّ نفختهم شبيهة بنفخة الوزغ في النار التي أوقدت لحرق نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ولهذا أمر الله بقتله وسماه فويسقا، فاحذروا الخُنْزُوَة. واعلموا هداكم الله أنّكم إذا جنّبتم شعبكم وحشية الصهاينة، وخلصتموه من بين أنيابه الزرقاء فقد حققتم شوطا من النّصر المبين، الذي هو غائب عن أذهان كثيرين منكم، ألم تقرؤوا قوله تعالى [وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ]. قال العلاّّمة المفسر الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في تفسير هذه الآية (ص267): (والتخلص من العدوّ يسمى نصرا وفتحا وغلبة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة حين كانت الراية مع زيد بن حارثة، ثم كانت مع جعفر بن أبي طالب، ثم كانت مع عبد الله بن رواحة، وكلهم قتلوا رضي الله عنهم، قال: (فأخذها خالد ففتح الله على يديه)، وخالد رضي الله عنه لم ينتصر على الرّوم، ولم يغلبهم؛ ولكن نجا منهم، فسمى النبي صلى الله عليه وسلم هذه النجاة فتحا، كما سمى الله تعالى هنا نجاة موسى وهارون وقومه من فرعون أنها نصرٌ وغلبة). كتبت هذه الكلمات على عجل من شدّة هول المنظر، وقد ذرفت عيناي وأنا أرى رضيعا سحقته آليات المستدمر مع ذلك بقيت ابتسامته مشرقة على صفحة وجه، صورة أبت أن تفارق مخيلتي ولا حول ولا قوة إلا بالله. أرجو أن يأخذ قادةُ حماس بهذه الوصايا، وأن يعضوا عليها بالنواجذ، إذا أرادوا زحل اليهود عن إقليم غزّة، وأن لا يقولوا أن أهل الحديث في الجزائر الغراء لم يقدموا لهم النُّصح، وبخلوا عليهم بالصلح، وليقبلوا بخطة رئيس اليمن علي صالح لردء الصدع ولمّ الشمل، فإننا وإن كنا نخالف جماعة حماس في قواعد عدة، وأصول شتى، فنظرتنا في هذا الظرف إلى الشعب الفلسطيني المسكين الذي كالقمح بين شقيّ الرحى، تتجاذبه تيارات متناطحة ومسدوحة بخنجر الغدر، تيارات تتسابق لتقدم كلّ يوم عضوا من الشعب الفلسطيني قربانا لمشاريعها، لتنال به في زعمها درجة عند الخلق على حساب إغضاب الحق، صنيع زهد المسلمين في العالم في صدق نوايا القائمين على تحرير القدس، بل كثير من المراقبين يخشون في المستقبل العاجل إن رسمت دولة فلسطين على الأرض أن تتحول الرقة المحررة إلى كابول أخرى في الشرق الأوسط، والله المستعان. فيا من بيده زمام الأمور في فلسطين اعلموا أن كلّ شيء غلا في الأسواق إلا دماء المسلمين. فاتقوا الله في عباده، وأصلحوا ذات بينكم فإن الذئب يأكل من الغنم القاصية. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه من الجزائر في مجلس واحد: أبو عبد الباري عبد الحميد أحمد العربي كان الله في عونه.
| |
|